“خطة إصلاح الإدارة .. قراءات متقاطعة” موضوع لقاء دراسي بمجلس النواب
دبريس
شكل موضوع “خطة إصلاح الإدارة .. قراءات متقاطعة” محور لقاء دراسي نظمه مجلس النواب، اليوم الجمعة بالرباط، بمبادرة من مجموعة العمل الموضوعاتية، المكلفة بتقييم الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة 2018-2021.
وشكل هذا اللقاء، الذي عرف مشاركة عدد من المسؤولين الإداريين والأكاديميين والباحثين والخبراء، مناسبة لتبادل الآراء والأفكار ومختلف المقاربات الكفيلة بإثراء النقاش حول الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة، التي تحتل موقعا مركزيا ضمن مسلسل الإصلاحات التي عرفها المغرب خلال السنوات الأخيرة.
وفي كلمة بالمناسبة، أكد رئيس مجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بتقييم الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة، حفيظ وشاك، أن إصلاح الإدارة شكل انشغالا دائما بالنسبة لمجلس النواب إيمانا منه بأنه يعد أحد الخيارات الكبرى لبناء مغرب القرن 21، مبرزا أن المجلس، وفي إطار ممارسة اختصاصه المتعلق بتقييم السياسات العمومية، حدد موضوع الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة كموضوع للتقييم، وذلك بناء على اقتراحات الفرق والمجموعة النيابية.
وأشار، في هذا السياق، إلى أن اختيار هذا الموضوع “لم يكن عرضيا أو تقنيا، وإنما نابع من الإيمان المشترك لجميع مكونات المجلس بأن هذا الإصلاح يقع في صلب التحولات الكبرى التي تعرفها بلادنا في ترسيخ بناء المؤسسات وتقوية دعائم الديمقراطية المواطنة، ويندرج ضمن الرهانات الأساسية لبناء النموذج التنموي الجديد”.
وشدد السيد وشاك على أن “مسايرة التحولات الكبرى التي تعرفها بلادنا تقتضي إرساء دعائم إدارة عصرية مواطنة تستجيب لمتطلبات العصر، مذكرا، في هذا الصدد، بتأكيد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في الرسالة السامية التي وجهها إلى المشاركين في الملتقى الوطني للوظيفة العمومية العليا في 27 فبراير 2018″، على أن “إشكالية التدبير الفعال للموارد ومستلزمات النهوض بالتنمية الشاملة، يطرح بحدة مسألة نجاعة الإدارة العمومية ومؤسسات الدولة، مع ما يقتضيه الأمر من مراجعة أساليب عملها، وطرق تدبير الموارد العمومية، في اتجاه التوظيف الأمثل للإمكانات المتاحة”.
وخلص إلى أن هذا اللقاء الدراسي سيمكن من الخروج بخلاصات واستنتاجات عملية من شأنها تعزيز استشراف ما ينبغي القيام به للارتقاء بالإدارة المغربية، باعتبارها خيارا استراتيجيا، ودعامة أساسية لضمان فعالية السياسات العمومية، وإرساء ركائز النموذج التنموي وبناء مغرب الغد.
من جهته، أكد السيد أحمد العمومري، الكاتب العام لوزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أن خطة الإصلاح الإداري كانت ولا تزال تشكل مطلبا استعجاليا، بالنظر للتحولات الرقمية التي يشهدها العالم ومخلفات جائحة كورونا، وذلك بهدف النهوض بالإدارة والوظيفة العمومية من خلال إعادة هيكلتها وتعزيز قدراتها لتمكينها من كسب رهانات الحكامة الجيدة وتقديم خدمات عمومية ذات جودة.
وأبرز أن هذه الخطة تتضمن التوجهات العامة التي من شأنها أن تدفع بالمسار الإصلاحي نحو إحداث تحولات هيكلية على المستويات التنظيمية والتدبيرية والتخليقية والرقمية، مشددا على أن الهدف من هذه الخطة يتمثل في تحقيق النجاعة الإدارية في الاستجابة لمتطلبات المرتفقين، من جهة، وتحقيق الاندماج الحقيقي للمواطن ومشاركته الفعالة في تدبير الشأن العام، من جهة أخرى.
واستعرض السيد العمومري، في هذا السياق، الخطوط العريضة للخطة الوطنية لإصلاح الإدارة 2018-2021، مبرزا أن هذا الإصلاح يتضمن 24 مشروعا أساسيا تتوزع على 4 تحولات هيكلية (تنظيمية، تدبيرية، تخليقية ورقمية).
من جانبه، أكد السيد لحسن العسيبي، عضو لجنة الحق في الوصول إلى المعلومات، أن الحق في الولوج إلى المعلومة يعد مدخلا أساسيا لعملية الإصلاح الإداري في بلادنا، مبرزا أن هذا الحق، الذي نص عليه دستور 2011، يعتبر خطوة جبارة لتجاوز مكبلات “ثقافة الكتمان” المؤطرة للعلاقة بين المواطنين والإدارة.
وأشار إلى أن الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة تجاوبت مع مقتضيات القانون 31.13، المتعلق بالحق في الوصول إلى المعلومة من خلال المشروع رقم 23 الذي نص على ضرورة “وضع خطة وآليات تنفيذ القانون سالف الذكر من أجل ترسيخ مبادئ الشفافية في التدبير العمومي وضمان حق المواطن في الحصول على المعلومات طبقا للمقتضيات الدستورية.
واعتبر أن الترجمة الفعلية لهذه الخطوة تحققت من خلال انخراط مختلف الإدارات العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام، في تفعيل أحكام القانون رقم 31.13، عبر تعيين الأشخاص المكلفين لديها بتقديم المعلومات المطلوبة من قبل المواطنين، إلى جانب تفعيل آليات وتدابير النشر الاستباقي للمعلومات العمومية الموجودة في حوزته.
كما تطرق السيد العبيسي للتقرير العام للنموذج التنموي الجديد، الذي ربط بين “الحق في المعلومة” ومتوالية ربط المسؤولية بالمحاسبة، وخيار التقييم المنتظم لعمل خدمة المرفق العام، مبرزا أن “ذلك يجعلنا في صلب روح الإصلاح الإداري مرة أخرى، لأنه لا يمكن تحقيق تقييم منتج ومنتظم ولا إنجاز فعلي لربط المسؤولية بالمحاسبة بدون الرافعة الأساسية لتوفير المعلومة عموميا وترسيخ الحق في الولوج إليها كضامنة لمكتسب الشفافية والنزاهة”.
من جهته، سلط السيد محمد لديدي، الكاتب العام لمؤسسة الوسيط، الضوء على الدور الذي تضطلع به مؤسسة الوسيط في تعزيز ثقافة المرفق العمومي في المغرب، مبرزا أن المؤسسة تعد بديلا حضاريا لحل النزاعات خارج الإطار التقليدي، وذلك من خلال الدفاع عن الحقوق ورفع المظالم والتسوية الودية للنزاعات، مع البحث عن تخليق الإدارة وتحقيق الشفافية.
وأشار إلى أن الآليات التي توظفها المؤسسة للاضطلاع بمهامها تتمثل في البحث والتحري واللجان الدائمة للتنسيق والتتبع مع الإدارات، وإبداء الرأي في القضايا المعروضة على المؤسسة، وتقديم المشورة بشأن المشاريع والبرامج التي تعدها الإدارات قصد تحسين أدائها، ومشاريع ومقترحات القوانين المحالة عليها.
كما سلط، في هذا السياق، الضوء على إطلاق المؤسسة لما يسمى بـ”المبادرة التلقائية”، وهي مبادرة تهدف إلى إشراك المواطن في تقاسم المعرفة والمعطيات في مجال الوساطة المؤسساتية وتعزيز القدرات بغية تحسين جودة الخدمات التي تقدمها المؤسسة، مشددا على أن دور الوسيط ” لا يجب أن يُختزل في تلقي التظلمات، ولكن يجب أن يضطلع بدور مرصد لتعثرات الممارسات الإدارية بهدف تقويمها، بشكل يجعل منه محركا للارتقاء بالخدمات العمومية بالمغرب إلى مستويات الدول المتقدمة.
من جهتهما، استعرض السيدان حفيظ شكري، مدير التنسيق بوزارة الصناعة، وحسن المسعودي، مدير الموارد البشرية والميزانية وأنظمة المعلومات والشؤون العامة، منجزات وزارة الصناعة في إطار الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة، مبرزين أن الوزارة انخرطت بكل إمكانياتها في تنزيل هذا الإصلاح الهادف إلى الرفع من أدائها والارتقاء بعلاقتها مع المرتفقين.
وأبرزا، في هذا الصدد، أن الوزارة عملت على اقتراح هيكل تنظيمي يتماشى مع الاختصاصات الجديدة لمصالحها اللاممركزة يؤطر العلاقة بين المصالح المركزية والجهوية، إضافة إلى تفعيل القانون المتعلق بتبسيط المساطر الإدارية اعتمادا على الممارسات الفضلى المتبعة في معالجة ملفات المرتفقين وطلباتهم.
كما حرصت الوزارة، يضيف المسؤولان، على تعزيز كفاءة مواردها البشرية وتأهيلها وتحديث وعصرنة منظومتها المعلوماتية ورقمنة الوثائق الإدارية، علاوة على إعداد ميثاق للقيم و مدونة للسلوك من أجل خلق إطار أخلاقي مرجعي متناسق من شأنه تعزيز رغبة الموظفين في الالتزام بمهامهم تجاه المرتفقين.